نورث هامبتون- ولاية بنسلفانيا,دريدين- ولاية نيويورك
مع أول ضوء للنهار إستعد الجميع للتحرك من واشنطون إلى الكليات التى سوف ندرس بها. كل الوفود الطلابية إتجهت إلى المطار لإستقلال الطائرات التى سوف تقلهم إلى أماكن دراستهم المختلفة, إلا المجموعة التى كانت معى لأنها كانت سوف تنتقل بواسطة أتوبيس!! حينما تحدثت مع أحد القائمين عن أمر برنامج الدراسة عن السبب فى ذلك أوضح لى أن معظم الطلاب سوف يدرسون فى ولايات و أماكن بعيدة عن واشنطون, أما مجموعتى فهم سوف يدرسون فى ولايتى نيويورك و بنسلفانيا القريبتين. قلت له أن مسافة الرحلة حوالى خمس ساعات, قال لى ببساطة أن خمس ساعات ليست كثيرة و عليك أن تستمع برحلتك!!
بالطبع سوف تتعجب مثلى إذا علمت أن المسافة حوالى 550 كيلو متر!! و لكن كيف يتحدث هذا الرجل عن مسافة كتلك بكل هذه البساطة؟! دعنى أقول لك أن أمريكا هى دولة ذات مساحة كبيرة, حوالى 8 مليون كيلو متر مربع, و أن السفر و الترحال من عادات الشعب الأمريكى و لا عجب فى ذلك إذا علمنا أن أمريكا هى دولة مهاجرين. أضف على ذلك أن المسافات بين القرى و المدن داخل الولايات الأمريكية متباعدة, علاوة على ذلك أن تصاميم الأحياء السكنية نفسها تعتمد على الإتساع و مراعاة خصوصية الأفراد فى بيوتهم. سوف نتحدث عن ذلك بالتفصيل فى تدوينة لاحقة إن شاءالله.
تحرك بنا الأوتوبيس وفق جدول زمنى مسبق وزع على كل فرد فى الأتوبيس ليعلم أماكن التوقف و خط سير الرحلة. بعد حوالى الساعتين تقريباً أو يزيد توقفنا فى مدينة نورث هامبتون التابعة لولاية بنسلفانيا. عند هذه النقطة أنفصل بعض من ركاب الأتوبيس الخاص بنا للإلتحاق بكليتهم فى تلك المدينة و إنضم إلينا بعض الوافدين الجدد.
على الرغم من بعد المسافة إلا أن الكل كان سعيد و مستمتع بالأجواء الطبيعية الرائعة. فالمسافات بين البلدات الأمريكية فى معظمها هى من الجبال و السهول الخضراء و الأنهار و الجداول الجميلة التى تجعلك تقول من كل لسانك "رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلاً۬ سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ" ال عمران أية 191.
عند وصولنا لمدينة نورث هامبتون فوجئنا ببعض الطلاب فى إنتظارنا و التى تبدو ملامحهم خليط بين الأوروبين و العرب. للوهلة الأولى ظننا انهم إسرائيليين و أصابنا إحباط شديد و إزداد الإحباط حينما علمنا أنهم سوف ينضموا إلينا فى الطريق إلى ولاية نيويورك. و قبل إنضمامهم إلينا علمنا من بعض الطلاب الأخريين أنهم أتراك و ليسوا إسرائيليين ففرحنا فرحاً شديداً لذلك. أنضم إلينا أربعة من الأتراك إثنين منهم ذكور, كذلك إنضم إلينا شاب رائع من جنوب إفريقيا لا تفارق الإبتسامة وجهه أبداً مع فتاتين من نفس البلد بالإضافة إلى فتاة من إندونسيا و أخرى من باكستان. أصبح العدد النهائى لمجموعتنا 18 طالب ممثلين لستة دول لحسن حظى.
إنطلقت بنا الحافلة بعد وداع ملىء بالدموع بين طلاب نورث هامبتون و المنضمين حديثاً إلى حافلتنا, ما أصعب لحظات الوداع تلك القاسية!!
بعد ساعتين أخريين وصلنا إلى قرية "دريدين" التى عشت بها لمدة سنة و أربعة شهور. و دريدين تلك قرية هادئة ليست صغيرة المساحة على الإطلاق وعلى الرغم من ذلك لا يتجاوز عدد سكانها الألفى مواطن!! أهم ما يميز هذه القرية هى الكلية التى سوف ادرس بها و اسمها "Tompkins Cortland Community College, TC3"
سوف نتعرف على كليتى فى تدوينة لاحقة إن شاء الله. القرية بطبيعتها هادئة و يوجد بها المحلات التجارية المتوسطة الحجم و بعض الأنشطة التجارية القليلة. بإختصار هى مكان هادىء تماماً يصلح لمن يبحث عن الإستشفاءأو الحصول على قسط من الراحة و الهدوء.
المسافات بين واشنطن و قرية دريدين ليست مرتبطة بالبعد المكانى فحسب, و لكنها مرتبطة بالبعد الحضارى و الثقافى. فواشنطن مثلها مثل أى عاصمة فى العالم يوجد بها الكثير و الكثير من الأشياء التى يمكن أن تفعلها للترفيه عن نفسك و للإستماع بوقتك مثل السنيمات و المسارح و المتاحف و المكتبات و غيرها. أما دريدين فهى قرية صغيرة أقرب مدينة تبعد عنها بالسيارة حوالى 25 دقيقة و لكن ليست تلك المشكلة. فالمشكلة هى أن الحافلات العامة لا تعمل بعد التاسعة و إذاأردت أن تذهب إلى أى مكان بعد ذلك الوقت فيجب ان تمتلك سيارة أو يمكنك إستقلال تاكسى و هو مكلف جداً فى بلد مثل أمريكا. الأسوء من ذلك أن تلك المدينة القريبة و هى مدينة صغيرة لا يوجد بها الكثير لتفعله لترفه عن نفسك!!
بالطبع كانت هذه صدمة قاسية لمعظمنا و بالأخص للمصريين لأن معظمنا من ساكنى القاهرة المشهورة بأضوائها الصاخبة و شوارعها التى لا تنام!! علاوة على ذلك الصورة التى فى أذهاننا جميعاً عن أمريكا. فمعظمنا يتخيل أنها بلاد صاخبة و مجنونة و السيارات تتسابق فيها و هذا بالطبع ليس صحيح فى أغلب الأحوال, ببساطة شديدة ده شغل سينما.
حينما وصلنا لكليتنا لم نجد أحد فى إستقبالنا بل و كانت أبواب الكلية موصدة!! عرفنا بعد ذلك أن الدراسة لم تبدأ بعد و أن لا احد يتواجد فى أثناء العطلات الدراسية. بعد فترة وجدنا أحد أفرد الأمن و الذى أخبرنا أنه على علم بوصولنا وأنه يتوجب علينا التوجه إلى أماكن السكن و هى على تبة مرتفعة تبعد أمتار قليلة عن الكلية .
على الفور توجهنا إلى هناك و كان فى إستقبالنا ثلاث سيدات متوسطى العمر و التى استمرت علاقتنا بهم طوال فترة إقامتنا بالكلية.
بعد عبارات الترحيب المعتادة تم توزيعنا على الشق السكنية التى سوف نسكن بها و هى أقل ما توصف به أنها شقق فندقية فاخرة. فالشقة عبارة عن أربعة غرف مستقلة و كل غرفة بها سرير و أدراج ملابس و مكتب و كرسى. كذلك بالشقة حمام مشترك و غرفة معيشة بها أنتريه جيد لإستقبال الضيوف و مطبخ به بوتاجاز كبير و فرن و ميكروويف و ثلاجة و بعض الأدراج لحفظ الأوانى. جاء من نصيبى أن يسكن مع صديق مصرى على أن ينضم إليناإثنين من الطلاب الأمريكيين عند بدء الدراسة.
بعد أن وضعنا حقائبنا فى الغرف المخصصة لذلك تم توزيع بعض أدوات المطبخ و بعض المعلبات و الأغذية المحفوظة و بعض ملاءات الأسرة و التى علمنا أنها بعد ذلك تبرعات من بعض الأسر و الطلاب السابقين. بالطبع بعضنا تأفف من ذلك و رفض ان يأخذ منها فى البداية و لكن أحدى السيدات الثلاث شرحت لنا أن هذا جزء من الثقافة الأمريكية و أنه لا حرج فى ذلك. عرفنا بعد ذلك أن من عادات الشعب الأمريكى الطيبه هى حبهم لمساعدة بعضهم البعض علاوة على تبرعهم بالأشياء الزائدة عن حاجتهم للأخرين حتى يستفيدوا بها و ليس كما يصور الإعلام فى بلادناالعكس.
بعد ذلك قام فرد من كل شقة بتجميع إحتياجات باقى زملائه فى الشقه من أطعمة و مشروبات تكفى ليومين أو ثلاث و ذهبنا فى عربات السيدات الثلاث إلى متجر ضخم قريب لشراء إحتياجتنا.
نلتقى فى التدوينة القادمة إن شاء الله.
مع أول ضوء للنهار إستعد الجميع للتحرك من واشنطون إلى الكليات التى سوف ندرس بها. كل الوفود الطلابية إتجهت إلى المطار لإستقلال الطائرات التى سوف تقلهم إلى أماكن دراستهم المختلفة, إلا المجموعة التى كانت معى لأنها كانت سوف تنتقل بواسطة أتوبيس!! حينما تحدثت مع أحد القائمين عن أمر برنامج الدراسة عن السبب فى ذلك أوضح لى أن معظم الطلاب سوف يدرسون فى ولايات و أماكن بعيدة عن واشنطون, أما مجموعتى فهم سوف يدرسون فى ولايتى نيويورك و بنسلفانيا القريبتين. قلت له أن مسافة الرحلة حوالى خمس ساعات, قال لى ببساطة أن خمس ساعات ليست كثيرة و عليك أن تستمع برحلتك!!
بالطبع سوف تتعجب مثلى إذا علمت أن المسافة حوالى 550 كيلو متر!! و لكن كيف يتحدث هذا الرجل عن مسافة كتلك بكل هذه البساطة؟! دعنى أقول لك أن أمريكا هى دولة ذات مساحة كبيرة, حوالى 8 مليون كيلو متر مربع, و أن السفر و الترحال من عادات الشعب الأمريكى و لا عجب فى ذلك إذا علمنا أن أمريكا هى دولة مهاجرين. أضف على ذلك أن المسافات بين القرى و المدن داخل الولايات الأمريكية متباعدة, علاوة على ذلك أن تصاميم الأحياء السكنية نفسها تعتمد على الإتساع و مراعاة خصوصية الأفراد فى بيوتهم. سوف نتحدث عن ذلك بالتفصيل فى تدوينة لاحقة إن شاءالله.
تحرك بنا الأوتوبيس وفق جدول زمنى مسبق وزع على كل فرد فى الأتوبيس ليعلم أماكن التوقف و خط سير الرحلة. بعد حوالى الساعتين تقريباً أو يزيد توقفنا فى مدينة نورث هامبتون التابعة لولاية بنسلفانيا. عند هذه النقطة أنفصل بعض من ركاب الأتوبيس الخاص بنا للإلتحاق بكليتهم فى تلك المدينة و إنضم إلينا بعض الوافدين الجدد.
على الرغم من بعد المسافة إلا أن الكل كان سعيد و مستمتع بالأجواء الطبيعية الرائعة. فالمسافات بين البلدات الأمريكية فى معظمها هى من الجبال و السهول الخضراء و الأنهار و الجداول الجميلة التى تجعلك تقول من كل لسانك "رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلاً۬ سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ" ال عمران أية 191.
عند وصولنا لمدينة نورث هامبتون فوجئنا ببعض الطلاب فى إنتظارنا و التى تبدو ملامحهم خليط بين الأوروبين و العرب. للوهلة الأولى ظننا انهم إسرائيليين و أصابنا إحباط شديد و إزداد الإحباط حينما علمنا أنهم سوف ينضموا إلينا فى الطريق إلى ولاية نيويورك. و قبل إنضمامهم إلينا علمنا من بعض الطلاب الأخريين أنهم أتراك و ليسوا إسرائيليين ففرحنا فرحاً شديداً لذلك. أنضم إلينا أربعة من الأتراك إثنين منهم ذكور, كذلك إنضم إلينا شاب رائع من جنوب إفريقيا لا تفارق الإبتسامة وجهه أبداً مع فتاتين من نفس البلد بالإضافة إلى فتاة من إندونسيا و أخرى من باكستان. أصبح العدد النهائى لمجموعتنا 18 طالب ممثلين لستة دول لحسن حظى.
إنطلقت بنا الحافلة بعد وداع ملىء بالدموع بين طلاب نورث هامبتون و المنضمين حديثاً إلى حافلتنا, ما أصعب لحظات الوداع تلك القاسية!!
بعد ساعتين أخريين وصلنا إلى قرية "دريدين" التى عشت بها لمدة سنة و أربعة شهور. و دريدين تلك قرية هادئة ليست صغيرة المساحة على الإطلاق وعلى الرغم من ذلك لا يتجاوز عدد سكانها الألفى مواطن!! أهم ما يميز هذه القرية هى الكلية التى سوف ادرس بها و اسمها "Tompkins Cortland Community College, TC3"
سوف نتعرف على كليتى فى تدوينة لاحقة إن شاء الله. القرية بطبيعتها هادئة و يوجد بها المحلات التجارية المتوسطة الحجم و بعض الأنشطة التجارية القليلة. بإختصار هى مكان هادىء تماماً يصلح لمن يبحث عن الإستشفاءأو الحصول على قسط من الراحة و الهدوء.
المسافات بين واشنطن و قرية دريدين ليست مرتبطة بالبعد المكانى فحسب, و لكنها مرتبطة بالبعد الحضارى و الثقافى. فواشنطن مثلها مثل أى عاصمة فى العالم يوجد بها الكثير و الكثير من الأشياء التى يمكن أن تفعلها للترفيه عن نفسك و للإستماع بوقتك مثل السنيمات و المسارح و المتاحف و المكتبات و غيرها. أما دريدين فهى قرية صغيرة أقرب مدينة تبعد عنها بالسيارة حوالى 25 دقيقة و لكن ليست تلك المشكلة. فالمشكلة هى أن الحافلات العامة لا تعمل بعد التاسعة و إذاأردت أن تذهب إلى أى مكان بعد ذلك الوقت فيجب ان تمتلك سيارة أو يمكنك إستقلال تاكسى و هو مكلف جداً فى بلد مثل أمريكا. الأسوء من ذلك أن تلك المدينة القريبة و هى مدينة صغيرة لا يوجد بها الكثير لتفعله لترفه عن نفسك!!
بالطبع كانت هذه صدمة قاسية لمعظمنا و بالأخص للمصريين لأن معظمنا من ساكنى القاهرة المشهورة بأضوائها الصاخبة و شوارعها التى لا تنام!! علاوة على ذلك الصورة التى فى أذهاننا جميعاً عن أمريكا. فمعظمنا يتخيل أنها بلاد صاخبة و مجنونة و السيارات تتسابق فيها و هذا بالطبع ليس صحيح فى أغلب الأحوال, ببساطة شديدة ده شغل سينما.
حينما وصلنا لكليتنا لم نجد أحد فى إستقبالنا بل و كانت أبواب الكلية موصدة!! عرفنا بعد ذلك أن الدراسة لم تبدأ بعد و أن لا احد يتواجد فى أثناء العطلات الدراسية. بعد فترة وجدنا أحد أفرد الأمن و الذى أخبرنا أنه على علم بوصولنا وأنه يتوجب علينا التوجه إلى أماكن السكن و هى على تبة مرتفعة تبعد أمتار قليلة عن الكلية .
على الفور توجهنا إلى هناك و كان فى إستقبالنا ثلاث سيدات متوسطى العمر و التى استمرت علاقتنا بهم طوال فترة إقامتنا بالكلية.
بعد عبارات الترحيب المعتادة تم توزيعنا على الشق السكنية التى سوف نسكن بها و هى أقل ما توصف به أنها شقق فندقية فاخرة. فالشقة عبارة عن أربعة غرف مستقلة و كل غرفة بها سرير و أدراج ملابس و مكتب و كرسى. كذلك بالشقة حمام مشترك و غرفة معيشة بها أنتريه جيد لإستقبال الضيوف و مطبخ به بوتاجاز كبير و فرن و ميكروويف و ثلاجة و بعض الأدراج لحفظ الأوانى. جاء من نصيبى أن يسكن مع صديق مصرى على أن ينضم إليناإثنين من الطلاب الأمريكيين عند بدء الدراسة.
بعد أن وضعنا حقائبنا فى الغرف المخصصة لذلك تم توزيع بعض أدوات المطبخ و بعض المعلبات و الأغذية المحفوظة و بعض ملاءات الأسرة و التى علمنا أنها بعد ذلك تبرعات من بعض الأسر و الطلاب السابقين. بالطبع بعضنا تأفف من ذلك و رفض ان يأخذ منها فى البداية و لكن أحدى السيدات الثلاث شرحت لنا أن هذا جزء من الثقافة الأمريكية و أنه لا حرج فى ذلك. عرفنا بعد ذلك أن من عادات الشعب الأمريكى الطيبه هى حبهم لمساعدة بعضهم البعض علاوة على تبرعهم بالأشياء الزائدة عن حاجتهم للأخرين حتى يستفيدوا بها و ليس كما يصور الإعلام فى بلادناالعكس.
بعد ذلك قام فرد من كل شقة بتجميع إحتياجات باقى زملائه فى الشقه من أطعمة و مشروبات تكفى ليومين أو ثلاث و ذهبنا فى عربات السيدات الثلاث إلى متجر ضخم قريب لشراء إحتياجتنا.
نلتقى فى التدوينة القادمة إن شاء الله.